حكم العالم الجديد الايديولوجيات، البنى والسلطات المعاكسة
الشركة العالمية للكتاب - 2013
يسرني ان أقدم الى القارئ العربي هذه الترجمة لكتابي هذا حكم العالم الجديد وقد وضعته عام 2009-2010 في خضم انفجار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لأستكشف كل من أسبابها العقائدية وتلك العائدة لتفاقم الأطماع المادية لدى الفئات الحاكمة للعالم. وقد تعمّقت في التنقيب عن جذور الأزمة هذه، خاصة الأساليب المختلفة التي تمّ اختراعها لفصل عالم المال عن عالم الاقتصاد الحقيقي او بشكل أدق لتراكم الأرباح غير المبررة من خلال عمليات مالية متراكمة أغرقت العالم في أبحار من السيولة المضارِبة باحثة عن فرص الربح السريع على حساب المنتجين والفئات العمالية.
لقد وصفت بإسهاب في هذا الكتاب الإيديولوجية النيوليبرالية التي نظمت هذا النمط الجديد من إدارة العالم حيث ترّكزت ثروات هائلة في أياد قليلة.
ولعلّ يمكن ان يعتبر هذا المؤلَف مدخلاً الى فهم أسباب الانتفاضات الشعبية التي عمّت العالم العربي ابتداءً من بداية عام 2011 لأن دوافع المتظاهرين من المحيط الى الخليج كانت تعود الى تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفاقم مواقع الفساد والإفساد في ظل الإصلاحات النيوليبرالية التي طبقت في معظم الدول العربية. ومما لا شك فيه ان الحركات الشعبية العربية قد ألهمت بدورها التحركات الاحتجاجية التي عمّت بعض الدول الأوروبية مثل اليونان واسبانيا وايطاليا والبرتغال، بالإضافة الى التحرك الشعبي في الولايات المتحدة ضدّ بورصة نيويورك وكان شعارها "احتلوا وول ستريت".
ويغوص الكتاب أيضا في استكشاف آفاق المستقبل وإمكانية استمرار النظام النيوليبرالي كما هو دون إصلاحات جذرية وعميقة، ويطرح السؤال ما إذا كان العالم قد دخل في حالة ثورية في جميع قاراته ستتوسع في حال لم يتمّ إصلاح النظام المالي الدولي الحالي بشكل جدّي ومعمق.
جـورج قـرم