لبنان المعاصر
تاريخ ومجتمع
2004 المكتبة الشرقية بيروت
تاريخ لبنان المعاصر، هذا البلد الصغير، مفتاح الشرق الأوسط، محطّ مطامح القوى الإقليمية والدولية منذ ثلاثة قرون، قد أسيء فهمه. ولطالما كتب تبعاً للجيوسياسية العالمية التي تحول دون الإحاطة بالحقيقة المعقدة لهذا المجتمع المتميز بتداخل الإسلام والمسيحية منذ ثلاثة عشر قرناً. من هنا منشأ القوالب الجامدة (الكليشيهات) التي تستغل لإزكاء حمّى التدمير التي سيطرت، ما بين 1975 و 1990، على البلاد الغارقة في غمرات الصراع العربي الإسرائيلي والحرب الباردة. وتحوّل لبنان حينذاك، من "سويسرا الشرق" إلى أرض منفّرة، إلى نموذج مثاليّ لتشرذم مجتمع وتطييفه
يحاول هذا الكتاب، على نقيض تلك الكليشيهات، أن "يسرّح" الخيوط المتشابكة في تاريخ لبنان منذ انفتاحه على أوروبا من القرن السابع عشر حتى نهاية القرن العشرين. يعمل جورج قرم جاهداً على صياغة مفاتيح تساعد على فهم الأحداث وتصرّفات صانعي هذا التاريخ، لكي يتجاوز هذه القوالب الجامدة التي لا تصبّ اهتمامها إلاّ على التأكيد على اختلافها وتنوّعها أو على تحوّلاتها المتناقضة
ويدعو الكاتب، في امتدادات مؤلفاته السابقة، إلى التبصّر في هذه الظواهر الطائفية محلّلاً اللعبة المعقدة للعوامل الداخلية والخارجية في التطوّر التاريخي للبلد، إذ ذاك، واضحاً "ومثالاً نموذجياً" للويلات التي تضرب الشرق الأوسط والبلقان