دار الطليعة - 2011
مع نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، اندلعت على حين غرة الانتفاضات الشعبية في أكثر من بلد عربي، راحت تتساقط معها تباعاً أنظمة عربية سلطوية لم تكتف بقمع شعوبها وإجهاض تطلعاتها المشروعة فحسب، بل وجعلت الجمود والانحطاط يُخيمان على الوطن العربي، وزرعت فساداً في الدولة وأجهزتها انسدت معه كل إمكانية لتحقيق التقدم والترّقي على غرار ما يجري في كافة أرجاء المعمورة.
وقد أدّى هذا النمط السائد من أنظمة الحكم الى إثراء شرائح متنفّذة على حساب المصلحة العامة الجماعية، والى إفقار فئات اجتماعية واسعة وتهميشها وانتشار البطالة بأعلى معدلاتها في العالم ولاسيما لدى عنصر الشباب المتعلم، مما أفضى الى هجرة الأدمغة على نطاق واسع، وتفريغ الاقتصادات الوطنية من طاقات علمية ومهنية هائلة.
تتناول فصول هذا الكتاب الأوجه العديدة للوهن العربي العام، المصطلح عليه بـ"فراغ القوة"، وذلك بناء على تحليل علاقاتنا كعرب بالعالم الخارجي، ومن ثم علاقتنا بالحداثة والتاريخ، كما نستعرض قضايا الهوية العربية الضائعة والإشكاليات الدينية المرتبطة بها، فضلا عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بوجه عام. لعلّ الأبحاث الواردة في هذا الكتاب تساعد القارئ على تعميق فهمه لما كنا عليه من وضع انحطاطي خطير انطوى على إهدار كل الحقوق المشروعة، وتأييد الهيمنات الخارجية، لا بل واستقدام احتلالات أجنبية متجددة للتراب الوطني، وسلب مقدرات شعوبنا وتفتيتها الى طوائف ومذاهب وأعراق متناحرة.
إن الأمل معقود على الانتفاضات الشعبية التي حصلت وتلك التي ستحصل على كامل الرقعة الجغرافية العربية، عسى ان تؤدي الى إحداث تغيير جذري شامل يعيد العرب الى دورهم المستحق في التاريخ، ويُعيد الى المواطن العربي الحياة السياسية الكريمة، والحياة الاقتصادية - الاجتماعية العادلة، ويمنح الشباب الفرص الكفيلة بالبقاء في ارضه وخدمة مجتمعه باقصى قُدراته وطاقاته الخلاّقة.
المؤلِّف