1996 - مؤسسة الأبحاث المدينية- دار الجديد مؤسسة فورد
ان الدراسات والاراء التي يحتوي عليها هذا الكتاب وضعت في خضم حرب اعلامية داخليا وخارجيا لاقناع اللبنانيين ان لا بديل عن السياسات الاعمارية المتبعة ، اذ ان الفريق الحاكم المنبثق عن اتفاق الطائف طور خطابا اعمارية جامدا لا يفتح المجال للمناقشة الموضوعية الرصينة ، بل ارسى « وطنية اعمارية » حلت محل الوطنيتين اللبنانية والعروبية الجامدتين والتقليدتين السائدتين قبل الحرب وخلالها ... ومن لا يظهر الولاء « للاعمار » فهو لا يحب الوطن وقدسية قضيته ، ويصبح في نظر البعض مشكوكا في لبنانيته واخلاصه لاعادة اعمار بلده واستعادة لبنان مركزه الاقليمي.
وكان الاعلام الاعماري يطالب من يعترض على اساليب الاعمار بالاتيان فورا بالحلول البديلة والواقعية وكأن الموضوع الهام غيبي ينزل من السماء على بعض الاشخاص المعدودين المحظوظين ، وكأن لا حق للمواطن في المناقشة وابداء الرأي في امور حيوية تمسه في الصميم ، في طريق عيشه ، في مسكنه ، في قدرته الشرائية ، في تربية اولاده ثم في ايجاد فرص عمل له ، في مألوفه عن عاصمته وجباله وبحره وانهاره ، وكأن الاقتصاد والمال والقانون ، والتنظيم المدني والمعماري شؤون لا علاقة لها بالسياسة ، وهي معقدة وتقنية ، بعيدة عن فهم المواطن العادي ، ولا حق له في المناقشة الا ان أبدى الطاعة والاعجاب ببرامج الاعمار المقدمة له مثل الدعايات الاعلامية حول انواع مسحوق الغسيل .
وكان هدفي عند وضع التحليلات وابداء الاراء التاكيد على حق المواطن اللبناني في انتقاد ما انزل عليه من قرارات واجراءات لم تحترم المبادئ الدستورية وحق المشاركة للجميع في صنع مستقبل البلد .
فالوطنية الحقة تتجسد في تحقيق المواطنية الكاملة غير المنقوصة لكل ابناء هذا البلد ، والاقتصاد لا ينفصل عن السياسة في هذا المضمار ، وقوة الوطن هي ، قبل اي شيء آخر ، في شعور بنيه بأنه وطن العدل والمشاركة ومساواة الجميع امام القانون الذي يعدل بين الجميع .