إعمار بيروت والفرصة الضائعة
وســط بيــروت التجــاري والشركــة العقاريــة
الوقائع - المرتكزات – البدائل
دراسة جماعية نشرت في بيروت عام 1992 على نفقة المساهمين
قام بوضع وتنسيق الدراسات لهذا الكتاب، وطبعها على نفقتهم، الأساتذة التالية أسماؤهم:
في الابعاد الدستورية- القانونية: نبيل بيهم، كمال حمدان، توفيق شنبور، جورج قرم، طوني شويري
في الابعاد الهندسية- المدينية: بهاء الدين البساط، بيار خوري، عاصم سلام، جاد ثابت، زياد عقل
-----
يحتل اعمار الوسط التجاري، في نظر أكثرية اللبنانيين ، موقعا مهما في أولويات الأعمار ، لما يتضمنه من رمز لعودة التواصل بين جميع المناطق والفئات وما يحمله من تجسيد أكيد للإرادة الوطنية في النهوض الاقتصادي .
لقد جرت دراسة اعمار الوسط التجاري بعد حرب عامي 1975 و 1976 ووضع لهذا الوسط مخطط توجيهي عام 1978 وصدرت قوانين ومراسيم نظمت وسائل التنفيذ وبوشر في تنفيذ جزء من البنية التحتية الجديدة عام 1983 ثم ما لبث ان توقف هذا التنفيذ بسبب تدهور الاوضاع الامنية .
واعيد البحث في اعمار الوسط التجاري في عام 1991 حيث برز اتجاه نحو اعتماد شركة عقارية واحد بنظام جديد خاص يوكل اليها حصرا كل ما يعود الى اعمار الوسط وفق مخطط توجيهي جديد يختلف عن المخطط السابق . وكانت حجة الدولة في اعتماد هذا التوجه الادعاء بعجزها المادي الكامل من جهة وتعقيدات الوضع العقاري والاستثماري من جهة اخرى.
وقد انطوى هذا التوجه الجديد على تبنٍ كامل من قبل الدولة لمشروع تطلقه مجموعة مالية ومقاولية دون اعطاء هذا الامر البالغ الاهمية الفرصة الكافية لدرسه من جميع جوانبه ودون القيام بالاستشارات والاجراءات القانونية الاعتيادية الضرورية ،ناهيك عن التعميم المدروس والمبرمج في بعض مراحل التحضير لوضع الناس امام الامر الواقع . وقد رافقت تسويق مشروع الشركة العقارية والمخطط التوجيهي الجديد ضغوطات هائلة واغراءات ندر ان استعملت في اي قضية اخرى حتى طاولت الاشاعات الاكثرية الساحقة من اصحاب القرار .
والخطير في هذا الامر ان الدولة قد تصرفت وكأن الامر لا يعنيها من قريب او بعيد واصبح مروجو المشروع هم اصحاب القرار والحل والربط حتى قبل ما يقترن قانون الشركة العقارية او المخطط التوجيهي باي خطوة تنفيذية قانونية واخذوا يتصرفون في الوسط التجاري تصرف المالك بملكه ، فهم يدفعون اتعاب المكتب الهندسي المكلف بوضع المخطط وهم يتولون بموظفيهم ومستشاريهم الدفاع عن المشروع ويحاولون بشتى الاساليب طمس اراء الكثيرة من النخبة من مختلف المجالات والتي تعارض المشروع في كليته او جزئيته ، ويحتكرون بالفعل الرأي حول عملية الاعمار بجميع جوانبها.
أمام هذا الواقع وأمام محاولة احتكار الفكر تداعت مجموعة من أصحاب الرأي من مختلف الاختصاصات لتناول قضية إعمار الوسط التجاري من كافة وجوهه بصورة موضوعية من خلال تقييم المشروع من جهة وتقديم البدائل للحلول المفروضة على الدولة والمجتمع من جهة أخرى يحدوها هدف واحد هو وضع الحقائق أمام المواطنين وإتاحة فرصة خلق مناخ صحي ضاغط على الدولة لتقلع عن تخاذلها وتنازلها عن صلاحياتها في هذا المضمار ودعوتها للقيام بواجبها في رعاية حوار حقيقي وديمقراطي وبنّاء للوصول إلى الحل السليم.
وقد رأت مجموعة أصحاب الرأي إصدار كتاب حول موضوع إعمار الوسط التجاري يبيّن مختلف مراحل المشروع ووقائعه منذ أن أثير في نهاية حرب السنتين حتى اليوم يشرح مختلف المشاريع التي وضعت ويقيمها من مختلف الوجوه وتقديم مقترحات عملية.
إن هذا الكتاب يشمل دراسة النواحي الدستورية والقانونية والاقتصادية المالية والاجتماعية والفنية والتراثية لعمليات الاعمار المعتمدة من الدولة ويصف مرتكزاتها الأساسية والمآخذ والانعكاسات السلبية لها ويقدم اقتراحات لأسس بديلة تصون الأهداف الإعمارية وتحميها من خطر الوقوع في فخ التسرع والتبسيط.
كما توفر هذه الاقتراحات حماية الدولة من محاولة سلبها ومسؤولياتها التوجيهية والرقابية وحرمانها من وارداتها المشروعة. وينطلق الكتاب من أن الدولة تبقى عبر مؤسساتها الضامن الوحيد فلا ازدهار ولا إعمار إذا لم تحميه دولة قوية بمؤسساتها وبتطبيق القواعد القانونية العادلة المعمول بها عالميا. و مصائب لبنان عبر السنين الماضية كانت خير دليل على ذلك.